بسيطة!

عدت للحزن كناسك يعود إلى صومعته، لكنه يدرك أنه سيخرج منها قريبًا، لم أعد ذاك الكائن الذي يحسب أنها نهاية العالم، لكني أعرف تمامًا أنها عقبة ضخمة، وأدرك أنه من الطبيعي أن أجدها أمامي فهذه الدنيا وليست الجنة، لكنها عقبة عصية، ليست مستحيلة، لكن صعبة للغاية، مؤلمة أشد الألم.

ثمة عقبات مؤلمة، حيلتنا فيها لا تتجاوز 20%، وثمة عقبات ببعض العزم نتجازوها، وهذه عقبة لا حيلة لي فيها، إنها تحتاج المزيد والمزيد من الوقت، والصبر الكثير، إنها مرحلة استهلاكية مثلما حدث قبل 5 أعوام بالضبط، وربما قد وكّلت هذا البلاء بمنطقي إذ سمّيتها نقطة موازية.. لكني لم أعد بتلك القوة، ولا ذاك الصمود، أشعر بالشباب وهو يجري في داخلي ويذكرني هذا بطبيعة ما ينبغي أن أكون عليه من قتال وصمود وثقة، أشياء استنفدتها، ولم تجد نفعًا من قبل! لن أحسب أنها قد تنفع اليوم كي لا أتحسّر، لكن ماذا لو كانت هي وسيلتي لتجاوز هذه العقبة؟!

عدت للشتات، أبحث مثل تائهة، لا تزال هذه الكلمة تمثل هذه النقطة وتلك، إنها نفس الكلمة التي استنفر منها قبلًا، تيه، لا يستطيع رؤيتي فيه أحد، إنني أتلاشى فقط مثل نجمة بعيدة تذوي، لكني أحس بهذا الإنكماش، وأقيس هذا البعد سنتيمتر تلو الآخر، كل شيء يتضاءل، والضباب ينتشر، ولا أجد في نفسي القوة على مجابهة كل هذا، إنه هجوم نفسي، أشعر عبره بالضعف الشديد، الضعف الذي يجعل الكلام شاقًا، والتفكير بالحل أزمة، والاستعانة بصديق ضرب من السخرية، لأنني مع كل هذا الضعف آبى أن أبدو للآخر ضعيفة، الآخرين الذين استطعت دائمًا ان أكون معهم حية، يشعرني الآن القرب الزائد منهم بالموت، بالضعف الذي أنا فيه وبالبعد الذي أحسه.

لا شيء يمكنه مساعدتي، اليوم أنا لا ألوم إلا نفسي على ضعفها، ولا أجد على أحد واجب أن يشعلني، ولا أتمنى أمان ميتافزيقية، ولا أقول “لو” و”لو”، إنها معضلتي وعلي أن أجد حلًا لها، بهذه البساطة وهذا التعقيد؛ إنها حياتي، قصتي، وأن أنجح في عيشها هو المسألة والحل، صعبة، مكلّفة، وعلي أن أجد طريقة لتبسيطها أو التعامل مع صعوبتها ببساطة كأن أضحك أو أسخر أو أبكي فقط، بسيطة!

من قال أن البكاء ينفث بعضًا من مآسي النفس الحزينة؟ إنه فيضان فقط!

حسبي أنها مارّة، وأني سأنسى هذا ذات يوم (وقد لا أنسى!). وأحمد الله من بعد ومن قبل على أني في نعمه التي لا تحصى والتي هي في عين آخر أمانٍ بعيدة، وعلى الشك والهمّ أتلو صلواتي على النبي فيتبدّد شيئًا فشيئًا، ذرّة ذرّة.

فكرة واحدة على ”بسيطة!

أضف تعليق