كتابي الثاني: (فَيء) أسماء بنت حسين .

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتابي الثاني أتقدَم به إليكم على خجل و ارتباك، قلتُ عنه كتابًا لأني لا أستسيغ اسم الرواية لمحتواه، فهو بمجموعهِ رسالة طويلة جدًا، و لكنها قصة كذلك، و بسبب هذا التضارب سأترك اسمها معلَقًا على لفظ كتاب و حسب، فالقصة بحاجة إلى حبكة و الرواية بحاجة إلى تقنيات دقيقة و هذه أمور أهملتها حتى بالرغم من أن قرار المشاركة في “تحدي نوفمبر” جاء من قبل هذا بكثير، و لكني حسبتُ أن عدد الكلمات أقل مما عرفته فيما بعد و تفاجأتُ به، حتى كدتُ أتراجع عشرات المرات، و فكرت بالانسحاب مرات لا أحسب لها حساب، و لحقني خلال الشهر اليأس و الأسى من استحالة قدرتي على بلوغ التحدي و الفوز به، و لكني بحمد الله و فضله نجحتُ في فعلها و أكثر، و أثبتُ لقلمي بأنه يستطيع الكتابة بشيء من العزم و كثير من الإصرار، و بالأفكار الثلاث التي خرجتُ بها من آخر تعريض لي بالانسحاب كانت أفكار جميلة و ثابتة و لقد أراحتني من كثير من الهواجس أهمها: عدم الجدوى مما أفعل، و ها هي أضعها هنا لعل عابرًا محتار يمرُ فتنجلي حيرته و ينتمي إلى الراحة:

1_ إن الكاتب المبتدئ يحتاج الكثافة ليصقل قلمه، و يحتاج الشدَّة و العسر كي يتفتق قلمه عن أشياء في عميق نفسه و فكره، و أنه يحتاج ضيق الوقت و استشعار مرارة الصعوبة كي لا يستسهل أمر الكتابة أو يبخِس من قيمتها؛ ضع هذه القاعدة أمامك، فالواقع أنه لا يوجد كاتب مرتاح أو كسول أو بارد في الشعور.

2_ للسباق مع الآخرين و في دخول التحديات دافع قوي لثباتك و عزمك، بغض النظر عن حرصك على نفسك من أن تقدم التحدي على الضرورة، أنتَ بحاجة دائمًا للدوافع بشكل عام، و لدافع العزم و المثابرة خصيصًا، ذلك لأن الالتزام عملية عسيرة على الجميع _على ما أظن_ تحتاج الدافع لفعلها، ادخل التحديات، ضع الجوائز و العقوبات، و لا تنسَ “أنتَ في سباق مع الآخرين، لكن ليس على حساب نفسك”

3_ الفشل أولًا كي يأتي النجاح، الضآلة قبل الكثرة و الجزالة، و الضعف قبل القوة، و العجز قبل التمكُن، هذه العبارات ليست هذيان و لكنها معادلة واضحة كالشمس “لا نصل للواحد قبل الصفر”، فعليك أن تمرُ بالصفر قبل أن تتطور إلى الرقم واحد؛ و هذا يعني أن أي مما كتبت و كان هزيلًا ركيكًا سخيفًا فما عليك إلا أن تقر به كي تستطيع التطور به، لأنه لا رصيد لك إلى الأفضل غير الرديء و العادي جدًا، لذا لا تقلق.. واصل الكتابة فحسب.

هذا كل شيء لدي عن التحدي، أحببتُ أن أشاركه معكم فقد يستفيد أحد ما هنا، بالرغم من الأفكار الثلاث في الأعلى هي في الواقع لم تكن مصقولة كما سطرتها هنا، و لم تكن حيرتي الأخيرة بين الانسحاب و المواصلة لطيفة جدًا أو باردة كما قد يُخيَل، لقد سهرتُ طويلًا، و حل الأرق في عيني ضيفًا بليدًا، و أُرهِق داخلي بالتضاد، و أخيرًا وصلتُ لهذه الثلاث الجواهر، التي هي في المبتدأ ليست جواهر و لكني رأيتها كذلك بعد كل ذلك الركام الذي كنتُ أنبش فيه حيرةً و قلقًا، و كلما لمستُ في نفسي طيف اعجاب بهذه الثلاث بصَقَت ذكرى الحيرة تلك و القلق فارتددتُ على أعقابي ساخرة.. أقول لا تُطِل حيرتك، كُن سبَّاقًا إلى التملص منها، مع حرصك على النيل بفوائدها دون مساوئها و غير ذات الجدوى منها.

هذا الكتاب هو بكلِيته حكاية حقيقية _كما في “الرجل الذي ابتلع نفسه”_ و لكن ما كتبته منها أقل بكثير من الحقيقي، فقد أضفتُ الكثير من عندي _حسب مخيلتي و قلمي_، فهي في النهاية كانت عندي رؤوس أقلام فحسب لا قصة مرتبة كما في “الرجل الذي ابتلع نفسه”، غيرتُ بعض الأسماء في القصة و أبقيتُ على النصف الآخر هي الحقيقية، الأعمار هي نفسها، و الفترة الزمنية هي نفسها مع أنها ليست واضحة جدًا، و لا يخفى على القارئ إن شاء الله أني حقًا أريد إيصال عدة أفكار صادقة و عبر حقيقية، أملي أن يستفيد منها و ينتفع بها.

و لكل هذا أنا في الواقع مرتبكة، إن الناس يتحولون عندي قصص، أخشى أن لا يحب الناس ذلك، و لكن لا بأس، أظنُ أنه في النهاية لم أسئ إلى أحد بعينه، و إن فعلتُ فسأدَعي أنه محض بطل خيالي!، ألا ترون معي؟ إن الكاتب هو صاحب الجريمة الكاملة، أو على الأقل صاحب الجريمة الذي لا يحق لأحد أن يعتقله، إنه يكتب كل شيء _غالبًا حقيقي أو مُكرر من حقيقة_ كما لو أنه يعترف، و مع ذلك فليس لأحد أن يُثبت عليه القضية، هذه فكرة قديمة لا تزال تطرق رأسي منذ وقت بعيد.

حسنًا، هذا هو الكتاب بعد التنقيح، فأسأل الله أن يغفر لي زللي الذي أعلم و ما لا أعلم، و أن يجعل مني حجة للخير و الحق لا إلى شر و باطل، و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أرجو للجميع قراءة ممتعة.

*غلاف الكتاب صنعته اليوم برسمة بسيطة لي 😅

11 فكرة على ”كتابي الثاني: (فَيء) أسماء بنت حسين .

  1. ما شاء الله عليك اسماء ارى انك وفقت في التحدي وكنت قادرة على اتمام الكتابة. انا رغم اني اكتب مقالات بشكل اسبوعي الا اني لم اتجرا بعد على بدء الكتابة في كتابي. عذري الدائم هو عن ماذا ساكتب؟ ههه ما نصيحتك لي؟

    Liked by 1 person

  2. هذا التعليق في وقته، فبصراحة لا زلتُ أعاتب نفسي على تركي الكتابة نوفمبر العام🤐
    أهلًا بك عزيزتي، بصراحة يا زهرة حين كتبتُ روايتيَّ تأكدتُ أن كتابة المقالات لا تشبه كتابة الكتب والقصص الطويلة “الروايات”، لأن كتابة الرواية يحتاج إلهام متواصل على نفس سهم الانطلاق، على نفس المنوال بترتيب وسلاسة وبدون قفز يخل بالسرد، بعكس المقالات التي نتنقل فيها بالمواضيع مما يجعل الأمر أبسط ولا يسلب جهد متواصل مثل التفكير بأحداث وطريقة سرد ونوع حوار…
    لذلك لو فرضنا أني ناصِحَتُك بشيء لقلتُ أن أمامك خيارين اثنين تقريبًا؛ الأول أنك تستمرين في كتابة المقالات إن شعرتِ أنك لست على استعداد لبذل جهد متواصل لا ينقطع بأي ظرف (لأنه إن انقطع سيؤثر في الرواية وسيسبب خلل غير مستساغ، مثل الكتابة عن مخاوفك أنتِ مما يخرق شخصية بطلك) وعوضًا عن كتابة رواية اجمعي مقالاتك في كتاب واطلقي عليه عنوان ملائم يشي بمحتواه على غرار كتاب اعطِ الصباح فرصة لعبد الوهاب مطاوع وكتب أخرى جميلة جدًا ولكنها من نوع مقالات متعددة أو قصص حتى قصيرة يجمعها مكان واحد مثل كتاب مدينة الحوائط اللانهائية لطارق إمام..
    الخيار الثاني هو أن تجهزي خطة حقيقية لكتابة رواية وأنتِ على استعداد لبذللا جهد متواصل فيها وحدها بدون الاهتمام بما قد تكتبينه جانبًا؛ ولتفعلي ذلك بشكل أبسط، قومي بكتابة مسودة لا تهتمين أبدًا بترتيب ألفاظها وكلماتها عن فكرتك للقصة التي تريدين الكتابة عنها، وحين تكون بين يديك المسودة وتكون من بضعة سطور أو حتى سطرين لا مشكلة، الآن قومي بكتابة ملخص أكثر وضوحًا وترتيبًا للقصة بعد أن عرفتِها بالضبط، ثم اكتبي قائمة بالأحداث الرئيسية التي جاءت القصة لأجلها، ثم قائمة بالشخصيات ولا يجب أن تغرقي بها كثيرًا كوِني صور مجملة عنها كإسمها وسمتها المميزة ونوعها وسيتشكل الباقي أثناء الكتابة تلقائيًا، وبعد كل هذا ستكون لديك نظرة أشد وضوحًا لما تريدين كتابة وكيف، فاستعيني بالله وابدئي، واكتبي، ومن الأفضل ان تتوقفي عن قراءة شيء خارجي كي لا تتأثر كتابتك بلغته وطريقته بل يجب أن تقرئي كثيرًا قبل أن تشرعي بالكتابة كي تتقوى لغتك، بعد هذا ابحثي عن الأشياء التي تحتاج إلى بحث وتزودي بما يعينك على مواصلة بذل الجهد، ولا تكتبي وأنتي مشغولة بأمر ما لأنه سيؤذي السرد وسيكون متقطعًا…

    تنساب الحروف على الرغم من الجهد المتواصل، لكن ما يجب أن تعرفيه بأن كتابك مشروع لا يلتزم بوقت معين أبدًا، وليس معنى هذا أن تؤجليه طوال العمر، بل أن تعملي عليه بحب أكبر وتركيز أكثر ولا تهتمي كثيرًا بالوقت… على سبيل المثال هذه الرواية حين شاركت فيها بتحدي نوفمبر الماضي كنتُ أشعر بأني أظلم القصة لأني متقيدة بوقت، لكنني دخلتها لاختبار مدى الغزارة في الكتابة، جربي اختبار نفسك لشهر أو لأسبوع حتى وانظري إلى مستواك واحكمي بعدل وسترتاحين.
    أتمنى أني قد أفدتك حقًا، وألا أكون قد ثرثرت بلا معنى🤭

    Liked by 1 person

  3. مرحبًا هاجر💙
    أتمنى أن تستمتعي به يا عزيزتي.
    لا ليس لدي حاليًا، عندي حساب على انستقرام فقط، وهو ظاهر في أسفل المدونة 😅

    إعجاب

أضف تعليق