ليلة ويوم..
12:39 ص
يوم ثقيل؛ رغم أن مساؤوه طار سريعًا، ما بين مراجعة وعمل منزلي ومراقبة للولو وحمود الذين باتوا عندنا، وجبات طويلة وممتدة، وقلق بارد أصم لإحتبار ظننت أن مقرره 20 جزءًا فبدا أنه 25 في الحقيقة! في الواقع لم أراجعه كثيرًا، سورة التوبة على سبيل المثال لم أمرها إلا نظرًا وجميع ما وراءها إلى الجاثية اعتمدت فيه على المراجعة السابقة ولم أجددها ولو بتلاوة لانشغالي بمراجعة الخمسة الأجزاء الأولى وخاصة المائدة والانعام والنساء لضعف حفظي لهم كونهم السور الأخيرة التي حفظتها ودائمًا السور الأخيرة هي الأقل ثباتًا لاستعجالنا الختم ولأنها لم تراجع بقدر ما رُوجِعت السور الأولى.. على أية حال أعترف بتقصيري وعدم بذلي جهد أكبر في تقسيم المراجعة على مدار الأسبوع السابق، وزاد زيارة سالم وأسرته وبياتهم لدينا رغم أنني انتظرتها وافتقدتهم كثيرًا لكنها جاءت في الوقت المزدحم، الآن مع عمل النتائج النهائية وطلبية خاصة لجوارب كروشيه بتصميم معين وايميجورمي، أشياء كثيرة تراكمت وصحتي لا تساعد على بذل الكثير من الجهد، ولست متحمسة كما ينبغي لي أن أكون في ضغط مثل هذا، الترتيب ينقص محيطي وهذا يعطل تركيزي ويشعرني بعدم الانجاز.
أكتب الآن والوقت متأخر، ما كان ينبغي أن أبقى مستيقظة إلى الآن ولكن حديثًا وراء حديث مع انتصار زوجة أخي استغرقنا ساعتين كاملات! مطلعها: الكلام الكثير يضيّق الصدر حتى لو لم يكن غيبة أو نميمة. أواسي نفسي أنني لا أتحدث كثيرًا وهذه جلسة تعتبر استثناء لفتح قلبي، ومع ذلك أتشكك في أنني لست كائنًا ثرثارًا، رغم تأكدي من أن أنني لا أتقن فن الكل، وبين هذا وذاك تفاوتًا ضخمًا.. المهم؛ أردت أن أكتب الآن لأرتّب أفكاري المبعثره وخططي المزدحمة وحتى احباطي من أداء الاختبار الذي أستطيع أن أقيّمه بكل بساطة “ضعيف” لقد نسيت حتى في سورة البقرة! في كل مقطع هناك خطأ، وثمة آيات نسيت كيف أقرأها! ليس لطول عهدي بها ولكن لأن التوتر تلبّسني والخوف سيطر علي ولأنني _كالعادة_ إذا أخطأت في أول مقطع يصبح أدائي أضعف طوال المقاطع الأخرى، الاحباط أسوأ عدو لي.. أقول هذا دائمًا لذلك نبّهت علي معلمتي الجميلة، التي تتابع هرائي على ستوري انستقرام وفي الحياة الطبيعية: لا تتحبّطي، لا بأس، سيظل أداؤكِ ضعيفًا حتى يتثبّت الحفظ تمامًا. ولم تكتف بهذا إذ طالبتني باختبار شامل قبل رمضان أو على 10 رمضان وتبجّحت أنا أن السرد في رمضان قد يساعدني في التثبيت والاختبار بسلام… لكني قلت لها: إيمان، استحمليني لو فشلت أرجوك! كان في صوتي غصة، قهرت بالفعل، لذلك حاولت التسريه عني والضحك لكلماتي قائلة أن لا بأس بالفشل.
أكره الفشل، حتى وأنا متأكدة أن مفيد وناجع!
وأحب أن أنجز وسأحاول أن أنهي طلبية الكروشيه بأقرب وقت، كما أتمنى أن يُحدّد يوم النتائج كي أنهي هذا الموعد الذي يعشعش فوق أفكاري… رغم أني أعرف أن الانجاز المستعجل قد يحرمنا متعة الطريق والزحام لإتيان انجازات صغيره وفرص لم تكن على البال، لكني مع ذلك نافدة الصبر، وفقيرة التركيز، لذلك أنا أحاول فعليًا، وأول محاولة حقيقية هي إزاحة انستقرام عن طريقي، انستقرام الذي يبتلع الوقت مثل ثقب الأوزون! رغم أنه تسلية، لكن مكلفة، تكليفًا لست أملك ثمنه، يجب أن يزاحفي الوقت الحالي، والتسالي دونه ستصنع وستعيش وقتًا أطول دون أن تستهلك وتتكلّف جهدًا ودقائق أكثر، الوقت مهم من جديد، مهم حتمًا، شئنا أم أبينا، الساعة الآن الواحدة صباحًا، وعلي أن أنام 9 ساعات حفاظًا على التركيز والطاقة، وهذا كله يحتاج وقتًا أكثر، سلاحنا في هذه الحياة الوقت، إنه الحرب، إنه العملة الحقيقية، البورصه التي نملك فيها جميعًا أسهم، بعضنا فقط غافل عن امتلاكه لها فهي إذًا مهملة وباردة ومتروكة إلى حين يتيقظ ويعرف.
ليلة سعيدة، لن أنشر الآن بل سأنام، يمكن أن أستثمر هذه الكتابة للصباح حين أستيقظ كهدف ونقطة انطلاق..
تدوينة من الهاتف
3:21 م
أكره أن يتجاهلني أحد، أفضّل الاختفاء على الوجود الفارغ، أشعر بنفاد الصبر مباشرة، بالغضب… وأعرف طبعًا أن ليس من هذا شيء طبيعي، لكن هذا عيب استطعت بصعوبة أن أستخلصه من مواقفي الصعبة التي أمر بها دائمًا.
استيقظت بدون أن أكون رائقة المزاج كثيرًا، لم يكن عندي سبب كافي كي أعدّل مزاجي المهروس بفوضى الهرمونات، حاولت فقط أن لا أتمادى في الكسل أو الشعور بالتعب، واصلت طلبية الكروشيه، شربت ماء كثير كي أحافظ على هدوئي، وأخرت الفطور إلى بعد ساعة من الاستيقاظ، وما إن جهزت فطوري حتى نادت أمي تطلبني لأشتري لها بعض الخضار للغداء، وفي نفس الوقت تقريبًا نادى أخي على استعجال يطلب فطورًا لأن لديه عمل، عملت له سندوتش فطلب ثاني فوكلت مها بعمله وذهبت أنا لأرتدي ملابس الخروج بمزاج بدأ يتعكر.. في الشارع، لا تنتظر السيارات للناس، ولا توجد إشارة مرور تحكم الطريق، الوحوش هذه السيارات ستبقيك واقفًا على الرصيف وسيوكل كل سائق الإنتظار لمرورك إلى السائق الذي يليه ودواليك، ثمة مجازفة دائمًا في عبور الطريق، ما عدا إن حظيت برجل مرور لم ينشغل بالحديث أو شراء شاي ليتحسن مزاجه! اشتريت الخضار وفي طريق العودة لأقطع الشارع “الرصدة” اضطررت لإلقاء نفسي تقريبًا بما أنني توقفت قليلًا ولم أجد سياره لطيفة تنتظرني وتؤمن عبوري، حسبت المسافة وركضت تقريبًا؛ فإذا بي أشعر بشخص يسير بجانبي، لمحت اللون الأزرق لرجل المرور في نفس اللحظة التي عاتبني فيها على المرور هكذا بدون انتباه، فتحت قلبي له: محد ينتظرك، ستنتظر ساعات على الرصيف ولن تتكرم سيارة في الوقوف لأجلك. فوافقني: نعم نعم!
وحين أوصلني إلى الرصيف المطلوب قال: حافظي على نفسك اللي أعطاك الله.
وقفت قليلًا مترددة مدهوشة، وخجلت من النظر إلى وجهه، وحين أقفى ظهره نظرت إليه بذهول تام، لا أدري لم فكرت بأن ما قاله لم يأتِ عفويًا، بدا مثل رسالة هامة للتأكيد على قيمة حياتي مقابل انتباه الآخرين لها، بدا وكأنه قد عرفني دائمًا رغم أنني متأكدة بأنه لا يعرفني تقريبًا بل ولم يمرّرني عبر الطريق مرة كما أتذكر.. والحكاية أصلًا ليست في شخصه بل في الموقف ذاته؛ إذ فكرت بعدها بأني لم أتوتر لمشيي قرب رجل، بل ورجل غريب! وفكرت بأني تحدثت بطمأنينة تامة إليه وهدوء ولم أتلعثم كما يحدث بالعاده! وحاولت تذكر كلامه الهادئ المتزن بدون جدوى، لم أتذكر شيئًا سوى الرسالة التي انصبّت في قلبي مباشرة وفي ذهول تام: حافظي على نفسك، اللي اعطاك الله اياها.
اي والله! عليّ أن أتمهل أكثر، أن أترك مسافة بين كرهي للتجاهل وشعوري بنفاد الصبر تجاهه إلى حد رمي نفسي في الطريق الخطرة، نفسي التي ليست ملكي، لقد اعطاني الله إياها لأحافظ عليها، انها وديعة الله فيّ.
شكرًا رجل المرور، لقد نقلتني في طريقين خطرتين، طريق قطعته برجليّ، وطريق قطعته بفكري وإدراكي.. سلّمك ربي عني ونجاك مثلما نجيتني!